هل تصورت يوما أن أوراق الزيتون قد تساعدك على علاج الالتهابات البكتيرية؟ سوف نعرض في هذا المقال كيف أن المضادات الحيوية الطبيعية في مستخلص أوراق الزيتون تقضي على البكتيريا المعدية في الجسم.
إذا كنت من محبي الأنظمة الغذائية الصحية و المتوازنة، لابد أنك قد سمعت عن النظام الغذائي في البحر الأبيض المتوسط. زيت الزيتون و ثماره هي من بين العناصر الرئيسية لهذا النظام. شجرة الزيتون، أو ما يعرف علميا ب Olea europaea، هي أصلية منطقة البحر الأبيض المتوسط. وقد وجدت هذه الشجرة منذ آلاف السنين. منتجات شجرة الزيتون، مثل مستخلص الأوراق، إستخدمت لقرون من قبل أطباء الأعشاب لعلاج الحالات الطبية المختلفة.
زيت الزيتون البكر هو واحد من أكثر الزيوت النباتية صحية و تكلفة. فهو يحتوي على العديد من المركبات الفينولية phenolic compounds التي تعطيه مذاقه المر و اللاذع. هذه المركبات موجودة أيضا في مستخلص أوراق الزيتون بتركيز أعلى. و قد قرنها الباحثون بالحد من أمراض القلب والشرايين وبعض أنواع السرطان. و أثبتوا أيضا أن لها نشاط قويا مضادا للميكروبات.
ما هي البكتيريا؟
البكتيريا هي كائنات مجهرية وحيدة الخلية. هي موجودة في كل ركن من أركان كوكبنا وضرورية للحفاظ على توازن النظم البيئية.
جسمنا يحتوي على خلايا بكتيرية أكثر من الخلايا البشرية. معظم البكتيريا الموجودة في جسمنا غير ضارة، وبعضها يمكن حتى أن تساعدنا على الحفاظ على صحة أجسامنا وتحسين قدرتها على التعافي من الأمراض. وهناك عدد صغير من البكتيريا التي تسبب الإلتهابات. نحتاج إلى المضادات الحيوية لمكافحة هذا النوع من الكائنات الدقيقة الضارة.
ما هو المضاد الحيوي؟
المضادات الحيوية أو مضادات الجراثيم هي نوع من العقاقير المضادة للميكروبات التي نستخدمها لمنع وعلاج الالتهابات البكتيرية. هناك نوعان من المضادات الحيوية: نوع يقتل البكتيريا و آخر يوقف نموها.
ساعدت المضادات الحيوية واللقاحات الأطباء على القضاء على العديد من الأمراض في جميع أنحاء العالم . ومع ذلك، أدت فعاليتها و توفرها إلى إستخدامها بطرق غير ملائمة و ظهور بكتيريا مقاومة لها. ما يعني أننا يوما ما لن نعثر على مضادات حيوية قادرة على علاج الالتهابات التي تعتبر الآن شائعة وسهلة العلاج.
هذه المشكلة شديدة الخطورة لدرجة أن منظمة الصحة العالمية تعتبر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية تهديدا خطيرا في وقتنا الحالي ويمكن أن يأثر على أي شخص في أي مكان و مهما كان عمره. هذا ما جعل الكثيرين يعودون إلى إستعمال مضادات الميكروبات الطبيعية. ذلك أنها تمكنت من الفوز في حربها ضد البكتيريا و من أن تبقى فعالة لآلاف السنين.
ماذا يجب أن تعرف عن مستخلص أوراق الزيتون
ثمار الزيتون وأوراقه وزيته غنية بمادة البوليفينول polyphenol. و عائلة الscoiridoïdes مثل الأولوروبيين oleuropein ومشتقاته، هي من الفئات الرئيسية من البوليفينول. و هي المسؤولة عن استقرار زيت الزيتون وطعمه اللاذع.
الأولوروبيين هو البوليفينول الرئيسي والأكثر وفرة في مستخلص أوراق الزيتون. تحتوي أوراق الزيتون المجفف حوالي 6٪ إلى 9٪ من الأولوروبيين oleuropein. يختلف تركيزه تبعا لمستوى النضج و نوعية الثمار. نكهة منتجات شجرة الزيتون يعتمد على محتواها من الأولوروبيين. مستخلصات أوراق الزيتون تحتوي على كمية ثابتة من البوليفينول ويرجع ذلك إلى توحيد كيفية الاستخراج.
الهيدروتيروزول أو Hydroxytyrosol هو الناتج الرئيسي لتحلل الأولوروبيين. و يتم امتصاصه بشكل لَاَفاعِل عبر جدار الأمعاء إلى الدم. وعلى الرغم من ضعف إمتصاص الأولوروبيين، يمكن للبكتيريا المعوية أن تحوله إلى مركبات حيوية نشطة أخرى سهلة الامتصاص. كما أن ذلك يساعد على القضاء على الجراثيم المعوية بسبب التركيز المستمر للمركبات النشطة بيولوجيا في البيئة المعوية.
ربما كنت تتساءل كيف يتم استخراج هذه المواد من أوراق الزيتون. في الواقع، هناك طريقتان لاستخراج المكونات الحيوية النشطة من أوراق الزيتون: الاستخلاص المائي أو عن طريق الإيثانول. قد يختلف التركيز من إجراء إلى آخر، لكن المنتجات الصناعية تميل إلى أن يكون محتوى الأولوروبيين فيها موحدا. وهذا يساعد على إحداث تأثير مستقر وفعال.
الأولوروبيين مضاد للبكتيريا
للحصول على فكرة أفضل عن طيف مستخلص أوراق الزيتون، قام الباحثون بدراسة فعالية الأولوروبيين و الهيدروتيروزول على العديد من السلالات البكتيرية المسؤولة عن التهابات الأمعاء والجهاز التنفسي. فوجدوا أن مستخلص أوراق الزيتون له طيف واسع من النشاط، مع وجود أُلْفَة لبكتيريا H. pylori، C. jejuni، S. aureus و MRSA. هذه البكتيريا هي السبب في العديد من إلتهابات الأمعاء.
ووجد الباحثون أيضا أن النشاط الرئيسي المضاد للميكروبات لدى الأولوروبيين يرجع أساسا إلى منتجات التحلل المائي، مثل الأغليكون aglycone وحمض إلينوليك elenolic acid. هذه المشتقات تمنع نمو بكتيريا حمض اللاكتيك التي تم اختبارها. وبالإضافة إلى ذلك، كان تأثيرها أكبر في مستنبت يحتوي على 5٪ كلوريد الصوديوم. لذلك، فإن تمليح ثمار الزيتون الطازجة يحول الأولوروبيين إلى مركبات مضادة للجراثيم قوية جدا.
مستخلص الأولوروبيين الخام هو مثبط للبكتيريا غير اللاكتيك. إضافة إلى ذلك، فإن مكونات المحلول الحمضي للمستخلص مقاومة للعديد من الأنواع، بما في ذلك بكتيريا حمض اللاكتيك والعديد من الأنواع إيجابية الجرام و سالبة الغرام. وأظهرت بحوث أخرى أن الأولوروبيين ومشتقاته لها أيضا نشاط قوي مضاد لميكروبات الميكوبلازما. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير المركبات الفينولية مجتمعة على الجراثيم أعلى بكثير من تأثيرالمركبات الفينولية الفردية.
ولكن كيف يحارب البكتيريا؟
لم يتفق الباحثون بعد على آلية عمل البوليفينول المستخرج من أوراق الزيتون. لكن يبدو أن الهياكل الفينولية المشابهة للأولوروبيين تنتج تأثيرها المضاد للبكتيريا عن طريق إتلاف الغشاء الخلوي الجرثومي وتعطيل بعض المكونات الخلوية التي تسمى ببتيدوغليكان peptidoglycans.
وقد اقترح بعض الكتاب أن هذا يرجع إلى وجود نظام أورثوديفينوليك orthodiphenolic (الكاتيكول catechol). واقترح آخرون أن فئة غليكوسيد glycoside تعدل القدرة على اختراق غشاء الخلية والوصول إلى الموقع المستهدف بحيث تبقى الخلايا البكتيرية دون العناصر اللازمة للنمو. التداخل الفعال في إجراءات إنتاج بعض الأحماض الأمينية اللازمة لنمو الكائنات الدقيقة هو أيضا آلية ممكنة. آلية أخرى مقترحة هي التحفيز المباشر للبلعمة كوسيلة دفاع للجهاز المناعي ضد الميكروبات.
على الرغم من أن الآلية لم يتم توضيحها بشكل كامل بعد، يأكد الباحثون فعالية النشاط المضاد للميكروبات لمستخلص أوراق الزيتون ضد الأنواع البكتيرية المتعددة، وخاصة البكتيريا المسؤولة عن التهابات الأمعاء والجهاز التنفسي.
كم ينبغي أن أتناول من هذا المستخلص للاستفادة من نشاطه المضاد للبكتيريا؟
المركبات الفينولية سهلة الامتصاص. وقد وجد بعض الباحثين أنه عند تناول مستخلص أوراق الزيتون، جسمك يمتص 55-60٪ من محتواه من الأولوروبيين. وهذا ليس كل شيء: التركيز في البلازما يصل إلى أقصاه فقط بعد ساعتين.
لكي يثير انبهارك مرة أخرى، وجد الباحثون أن التركيز التثبيطي الأدنى (التركيز التثبيطي الأدنى أو ***، وهو التركيز الأدنى الذي يحول دون نمو مرئي للكائنات الحية الدقيقة بعد الحضانة لمدة ليلة واحدة) يبدأ من 0.24 ميكروغرام / مل اعتمادا على البكتيريا التي تم اختبارها. وهذا يعني أن مستخلص أوراق الزيتون قد يكون على سبيل المثال أقوى بعشرة أضعاف من الأموكسيسيلين amoxixillin لأن التركيز التثبيطي الأدنى لمستخلص الزيتون أصغر عشر مرات من التركيز التثبيطي الأدنى للأموكسيسيلين. ويستخدم هذا المضاد الحيوي لعلاج العديد من الالتهابات البكتيرية، بما في ذلك التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي.
على الرغم من أن مستخلص أوراق الزيتون يبدو فعالا جدا ضد الالتهابات البكتيرية، يجب اتباع إرشادات الطبيب أو المنتج العشبي الذي تستخدمه. سوف يساعدك ذلك على الاستفادة الكاملة من مستخلص أوراق الزيتون وضمان تعافيك من المرض.
باختصار
مستخلص أوراق الزيتون يحتوي على العديد من العوامل المضادة للميكروبات المسببة لالتهابات الأمعاء والجهاز التنفسي.
نظرا لخصوصية نشاطها، فهي لا تساعدك فقط على علاج التهابات الأمعاء الخاصة بك، ولكن تقوم أيضا بتعديل نبيت المعدة عن طريق التخفيض من مستويات البكتيريا المعدية.
على الرغم من أن الأولوروبيين ومشتقاته تمتلك نشاطا قويا مضادا للميكروبات، فمن الأفضل إستعمال مزيج من جميع المكونات المستخرجة من أوراق الزيتون للحصول على أفضل النتائج.
يجب عليك مع ذلك استشارة الطبيب في كل مرة تصيبك العدوى. فهو الوحيد القادر على مدك بالنصيحة الملائمة لحالتك الصحية.